التثقيف اللازم للأسرة
المحامي حيدر البصري
من الأفكار القديمة التي لاتجدي نفعاً للإنسان مسألة عدم جواز طرح الأمور التي تتعلق بالزواج امام الفتى أو الفتاة,لأن ذلك حسب زعمهم سوف يقود الى وعي الفتى أو الفتاة لأمور ماكان يجب عليه ان يعيها بدافع الحياء والمحافظة على التقاليد.
إن هذا التقيد قاد في واقعه الى مشاكل كثيرة منها وأهمها ان الفتى أو الفتاة يقدمان على مشروع عمرهما المصيري وهما مغمضا العين.
إن هذا الجهل يقود الى مشاكل لاتحمد عقباها.فما هو حق طبيعي للزوج قد تعده الزوجة – بمقتضى جهلها – تجاوزاً وتعدياً عليها وعلى شخصيتها.ومايعد حقاً للزوجة قد يعده الزوج – بدافع جهله كذلك – من الأمور التي تمس كرامته وتخدشها وتنشأ من هنا المشاكل التي قد تجر الى تحطيم المشروع – مشروع الزواج – بكامله.
إن هذه السياسة التعتيمية إزاء كل مايهم موضوع الزواج قادت الى أن يتطرف البعض ويتمرد عليها بحيث فتح الباب امام الثقافة العائلية بكافة جوانبها وبدون ضوابط مما أدخل الناس في مشكلة تجاوز الحدود الأدبية والدينية مما أدى الى انتشار الفساد في المجتمعات.وهذا هو عين مايحصل في المجتمعات الغربية ومن يحذو حذوها.
لقد استغل موضوع التثقيف استغلالاً معاكساً,فتحت غطائه تم نشر الأفلام الخلاعية بحجة تعليم كل من الفتى والفتاة مايجب عليه فعله.وتحت غطاء وجوب تزين المرأة لزوجها تم عرض الأزياء شبه العارية المبتذلة,وتحت غطاء وجوب الانفتاح والتعارف بين الجنسين جاءوا بفكرة الاختلاط,ذلك الذي قاد الى الفساد وهكذا وهلم جرا.
فيما كان هناك من يدعو الى التثقيف الذي لايخرج عن إطار الأدب والأخلاق والدين.
فهل من الضروري لكي يتعلم الفتى مايجب عليه ان تعرض أمامه الافلام الخلاعية التي تحرك لديه الغريزة الجنسية لتجره الى ماهو أفدح؟
أم أن من الضروري أن تتزين المرأة في الشارع كي تكون مثقفة؟
نحن لسنا ضد التثقيف,بل بالعكس الى جانبه ولكن ذلك التثقيف الذي يحدد بإطار الشرع والذي لايقود بالنتيجة الى الفساد,ونشر الرذيلة.
فإذا كانت مسألة التثقيف والتربية العائلية ضرورية فما هي الأمور الواجب على الآباء تعليمها للأبناء؟
وهل نادى الإسلام ودعا الى الثقافة العائلية,وماهي حدود تلك الثقافة التي دعا إليها الإسلام؟
لقد انقسم الكتاب المسلمون في هذه المسألة الى قسمين:
فالقسم الأول منهم يدعو الى التثقيف بكافة أنواعه حتى التثقيف الجنسي.
أما القسم الآخر فيقصر التثقيف على الأمور المنزلية وإدارتها,من جهة المرأة وكذلك كيفية إدارة العائلة من قبل الرجل.
الحق أن القسم الأول منهم هم الذين أدركوا الصواب,وذلك أن منهجنا الذي نسير عليه في أمورنا كلها هو القرآن والسنة.والسنة النبوية الشريفة غنية بما يثقف كل من الفتى والفتاة بكل الأمور حتى الأمور الجنسية بناء على ذلك ندرج ما يجب علينا تعليمه لكل من الرجل والمرأة على نحو الاجمال.
1- الهدف من الزواج: وهذا أمر مشترك بين البنت والولد فعلى كليهما يقع واجب تعلمه كما يجب علينا واجب تعليمهم إياه.فالكثير من الفتيان يقدمون على الزواج وهم لايعرفون الهدف منه اطلاقاً هذا إن لم نقل بأن هناك من يقدم على الزواج معتقداً بأن إشباع الغريزة الجنسية هو الدافع الذي يدفع الى الزواج وهو الهدف المقصود في السعي لإقامة مثل هذا المشورع.فلو عرف كل من الولد والبنت هدفهما لتغيرت كل تلك الحسابات التي بني عليها الاقدام على مثل هذا المشروع.
2- الفوائد المترتبة على الزواج: فمعرفة الفوائد المترتبة على الزواج فيه حث ضمني على الاقدام نحوه والسعي الى تكوين العائلة فيجب علينا إذن أن نعرف كلا من الولد والبنت بتلك الفوائد.
3- تعليم الولد حقوق الزوجة: كي يتسنى له مراعاتها.
4- تعليم البنت حقوق الزوج: لتعرف الواجبات الملقاة على عاتقها تجاه الزوج,فتقوم بتأديتها.
5- تعليم كل من الولد والبنت حقوق الأولاد عليهما.
6- تعليم كل منهما الصفات الحميدة الواجب توفرها في كل منهما لكي يكون مؤهلاً لاختياره شريكاً في مشروع العمر هذا.
خلاصة :
الخلاصة هي أننا عندما نريد أن نربي ونثقف كلا من الولد والبنت نربيهما على اساس أن كلا من الرجل والمرأة يكمل احدهما الآخر.
فنحن "عندما نريد أن نصوغ المرأة ومنذ بدايتها الطفولية,ولغاية مراحل تدرجها في الحياة لابد لنا أن نعنى بإنسانيتها,بأن نجعلها تعيش عناصر انسانيتها التي تجعل منها إنساناً مسؤولاً عن حركة الحياة من حولها لتكون الأمومة بعض مسؤولياتها لا كل مسؤولياتها".
فالبعض من الفتيات حالياً يتصورون بأن المرأة إنما تتخذ لأجل القيام بأعباء الأمومة وتربية الأطفال حسب ولادور لها سوى ذلك.لذلك ترى تخوفاً عجيباً من جانب البعض إزاء مسألة الزواج.
فدورنا يكمن إذن في "أن لانجعل المرأة تشعر بأن أنوثتها شيء معيب في حياتها,أو نقطة ضعف,بل علينا أن نوحي إليها بأنها شيء طبيعي...
وفي هذا الجو لابد أن نربي المرأة الزوجة بحيث تدخل الحياة الزوجية وهي تختزن في داخلها شخصية الزوجة لتعي دور الزوجة في حياتها وفي حياة الإنسان الآخر....".
فعلينا أن نعطيها الفكرة التي تعتقد من خلالها بأن "الأمومة رسالة وليست مجرد عبء ثقيل عليها أن تتحرر منه لتأخذ حريتها المطلقة في العبث واللهو كما تفعل بعض النساء اللاتي يتعقدن من الأمومة فيتقصرن على ولد واحد بقطع النظر عن الجوانب الاقتصادية أو التربوية بل لحب الراحة والابتعاد عن المسؤولية.
لهذا لابد للمرأة أن تشعر أن الأمومة حالة أساسية في شخصيتها,وفي حركة إنسانيتها,كما تشعر بأن الزواج يمثل دوراً في صنع الرجل واغناء شخصيته".
هذا خلاصة مايجب أن نربي عليه المرأة المسلمة.
أما الرجل فعلينا أن "ننمي فيه عناصر إنسانيته ليرتبط بالحياة لتكون ابوته جزءاً من مسؤوليته لامسؤوليته كلها".
كما نسعى جاهدين نحو إشعاره بأن الأبوة أمر غريزي طبيعي أيضاً بحيث نجعله يتقبل هذه المسؤولية برحابة صدر بل ويسعى نحو تحقيقها.
بعبارة أخرى أوجز نقول أن علينا أن نعلم كلا منهما الآتي:
"أن الأنوثة إنما هي بعاطفتها,وحنانها,ورقتها.
كما أن رجولة الرجل إنما هي بإرادته,وصلابته,ومواجهته للأحداث.
فالرجل يعاني من نقص في العاطفة,والحنان ,والرقة.
فالمرأة – التي تمتلك فائضاً من ذلك – هي التي تعطيه العاطفة,والحنان,والرقة.ولهذا كانت الزوجة سكناً (لتسكنوا إليها).
والمرأة تعاني من نقص في الإرادة والحزم,والصلابة.
فالرجل – الذي يمتلك فائضاً من ذلك – هو الذي يمنحها الإرادة,والحزم,والصلابة.ولهذا كان الزوج قيماً على الزوجة كما يقول تعالى:
(الرجال قوامون على النساء)
فالتربية تكون إذن على أساس أن المرأة والرجل يكمل أحدهما الاخر.